مسؤول الإعلام    
مقترحات الاتحاد بخصوص مسودة تعديل الدستور
في رسالة وجهها الأستاذ يوسف شقرة رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين إلى السيد رئيس الديوان لدى السيد رئيس الجمهورية تضمنت رؤية اتحاد الكتاب الجزائريين للتعديلات المقترحة في مسودة الدستور مؤخة بتاريخ 09 جوان 2020

  الموضوع : بخصوص مسودة الدستور

 

   بعد واجب التحية والتقدير،

             اسمحوا لي، أن أعرب لسيادتكم ومن خلالكم لكل أعضاء لجنة إعداد وثيقة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور عن مدى سعادتي وإخواني في اتحاد الكتاب الجزائريين قيادة وأعضاء، بمراسلة رئاسة الجمهورية تحت رقم 221 بتاريخ 07 ماي 2020، وإشراكنا باعتبارنا مؤسسة ثقافية فاعلة في الساحة الوطنية والعربية والدولية، لها مكانتها في الإثراء والاقتراح.

            هذه المبادرة، التي نبارك للسيد رئيس الجمهورية وفاءه لالتزاماته وتعهداته، ونثني في الوقت ذاته على جهود أعضاء اللجنة جميعهم وكل الإطارات المرافقة لهم، لأننا نرى أن نجاح المسعى هو بطاقة ميلاد الجزائر الجديدة التي تشكل حلم كل مخلص وصادق لوطنه.

            من هذا المنطلق كان لزاما علينا أن نولي الوثيقة عناية خاصة، حيث نالت منّا كل الاهتمام لقيمتها وانعكاساتها المستقبلية على كينونة الدولة، بوصف الدستور محطة مفصلية في بناء الجزائر الجديدة التي ينشدها الجميع من الصادقين، جزائر الطموح وتفجير الطاقات، الجزائر التي ترى في المثقف ضمير أمته وفي الثقافة ركيزة أساس في الأمن القومي والبناء الثابت المكين، و حتى نكون في مستوى الثقة التي حضينا بها قمنا بتوزيع المسودة على كل فروعنا الولائية وبالولايات المنتدبة وكذا الرابطات الوطنية التابعة لنا وفتحنا ورشات للنقاش عبر الفضاء الأزرق وبكل وسيلة متاحة، وأكدنا ذلك بتنصيب لجنة وطنية للجمع والتمحيص وإعداد تقرير شامل يمكننا من كتابة رد يرتقي لمستوى تطلعات كتابنا وأدبائنا.

                ومنه جاءت هذه الرؤية و المقترحات، وقد بوبناها إلى ثلاث محطات:

 

           1 ـ من حيث الشكل لاحظنا الآتي:

          أ ـ إن الازدواجية في التفكير تفقد النص بعض أهدافه، والدقة في توصيل المعلومة، ومنها على سبيل المثال عدم تطابق النسخة العربية مع النسخة بالفرنسية والعنوان في النسختين دليل المقصد دون الخوض في المحتوى، ألسنا دولة مستقلة دفعت الغالي والنفيس ثمنا لسيادتها، أم نحن نعيش الوهم ولا ندري، والسؤال ما دخل لغة لم ينص عليها الدستور في التفكير والكتابة، وكنا نودّ لو كانت لجنة من الخبراء المتجردين من الإيديولوجيات والتوجهات الحزبية المتكونين أصلا باللغة الوطنية الرسمية والذين يتقنون اللهجات المحلية و لغات عالمية أخرى، يتمتعون بالخبرة و الاختصاص في القانون ـ والحمد لله بلادنا بجامعاتها تزخر بالكفاءات العالية ـ ولا نشك في الكثير من أعضاء اللجنة المشكورة عن جهدها ، تسند لهم مهمة الصياغة النهاية للوثيقة، وبعد إتمامها تقوم بترجمتها لعديد اللغات ليسهل على الجميع فهمها والتعاطي الإيجابي معها قبل عرضها على الاستفتاء وبعده لتوصيل صوتنا لغيرنا حتى يتأكد من بقلبه مرض من تحضرنا واستقلالنا وتطلعاتنا وآفاق بنائنا.

         ب ـ التفصيلات الكثيرة ضخمت عدد المواد و أثقلت الوثيقة، حيث نجد موضوع المرأة مثلا متناثرا في عدد من المواد منها المادة 40 الفقرة 1  و المادة 59 الفقرة 1 و المادة 71 الفقرة 1و 2، ..اخ ، و كان بالإمكان جمعها في مادة وفقرات تسهيلا للبحث والتطبيق وعدم تمييزها مع أخيها الرجل الذي رافقته في مسيرة الكفاح المسلح والبناء دون عقدة أو مزايدة، كذلك الفصل بين القطاعات حيث يمكننا جمع الثقافة مع الإعلام، وكذا التربية بكل أشكالها مع التكوين وهكذا حتى نخفف من عدد المواد ونترك للقوانين العضوية التي ستأتي، مكانا للاجتهاد والتفصيل.

         ج ـ يقال في تراثنا المحلي " البَابُور إذا كثْروا رِياسوا اغْرقْ" ومنه لو كان للكون أكثر من إلهٍ لفسد واختلّ، من هذا المنطلق هل يمكن لهذه الأمة أن يكون لها أكثر من قائد وأكثر من لغة ولسان وأكثر من دين، إن بيان أول نوفمبر هو إعلان الثورة ومنهجها وعنوانها والركيزة الأساس في بناء الدولة الجزائرية المستقلة، قد فَصَلَ وصاغه أبناء هذا الشعب على مختلف مشاربهم ومناطقهم ولسانهم حتى لا نبقى في نقاش وجدال حول هذه الأمور، لكن يبدو أنّ بعضنا مازلوا مستعمرين في عقولهم ووجدانهم، وعلينا أن نعود جميعا إلى رشدنا ليكون هذا الدستور ورقة الطريق إلى المستقبل، وتأمينا للأجيال القادمة، لا أن نعود لبداية التأسيس كما يدعو البعض ويحلم.

 

    2 ـ من حيث الديباجة لاحظنا الآتي:

 

          أ ـ إن ثورة نوفمبر التي لم تميز بين أبناء الشعب جهة أو لهجة ورأت أنهم سواسية، والتميز يكون بمقدار العطاء والوفاء، قد سجلت بطاقة ميلاد الدولة الجزائرية الحديثة من خلال وثيقة البيان الخالد، فلا يمكننا اليوم مقارنته أو مقاربته أو مساواته مع أي حدث مهما كانت أهميته، لذا نرى أن تعاد صياغة الفقرة الخاصة به وإضافة العبارة التالية في خاتمة الفقرة الثالثة من الديباجة " وستبقى المرجع الأساس لكل وثيقة وتشريع".

         ب ـ في الفقرة الخاصة بالحراك الشعبي، نسجل أولا موقفنا الذي عبرنا عنه سابقا في بياناتنا باعتزازنا بيقظة الشعب وهبته في الوقت المناسب، وقد كنا فيه ومنه وما زلنا، لكن هذا لا ينسينا الماضي القريب فنكون من الجاحدين، وإلا ما موقع الهبة التي أعادت القاطرة إلى جادة الطريق، وأفرزت لنا الحريات والأحزاب والجمعيات، والدستور الذي فتح الباب للتعدد الحزبي والإعلامي وغيرها، أليست محطة تستحق التنويه وما سبقها وما جاء بعدها ، إن حراك الشعب الجزائري لم ينقطع منذ فجر الاستقلال، وعليه وجب إعادة صياغة الفقرة لتنسجم مع نضال الشعب الجزائري، و بهذا نؤرخ و نذكر دائما بعظمته وعبقريته ونجعل حراك 22 فبراير عنوان محصلته التي ستلد الجزائر الجديدة المأمولة.

          ج ـ  بعض الفقرات تحمل شرحا زائدا و إطنابا وأحيانا تكرارا، يمكن مراجعتها و اختصارها والتركيز على الأهم لأننا ندون دستورا وليس كتابا، ثم يقدم لمدقق لغوي لضبطه قبل طباعته وتوزيعه.

 

    3 ـ من حيث المتن أو المحتوى لاحظنا الآتي:

          أ ـ نرى أن الرئيس هو القاضي الأول للبلاد ولذلك فهو ينتخب من طرف الشعب بأغلبية المصوتين، فكيف يعين نائبا له لا يتمتع بثقة الناخب ويخلفه إذا تعذر عليه أداء مهامه ويقضي باسم الشعب، والأصل واضح أن يخلفه رئيس مجلس الأمة لأنه منتخب، لكن هنا يمكن أن يعين رئيس الجمهورية مساعدا له يكلفه بمهام واضحة كالتمثيل في المنتديات والاجتماعات الدولية إذا تعذر عليه الحضور    و لْيسمه مثلا وزير دولة مكلف بمهام لدى رئيس الجمهورية، أو غير ذلك.

        ب ـ إن تمزيغت جاءت في الدستور السابق بالتشريع عن طريق البرلمان بغرفتيه و اكتسبت حقها وأنشأت لها لجنة حكماء لتطويرها والبحث فيه كتابة ونطقا وتقعيدا ودعمت بالمحافظة السامية للأمازيغية، بوصفها جامعة للهجات محلية متعددة وظهرت على السطح جملة من الأسئلة بأي لغة نكتبها والسؤال في حد ذاته يحمل كثيرا من التساؤلات الفرعية، اختلاف آخر في شكل الحروف ونطقها من منطقة لأخرى، و تجاذبات متعددة في داخل البلاد والمخابر الخارجية، التي وضعت لها راية أخرى غير الراية الوطنية التي تجسد وحدة الأمة والوطن، وتعبر عن مبادئ وقيم ثورة نوفمبر المجيدة، هذه الراية الدخيلة التي رفعها البعض في الحراك دون معرفة مصمميها، ولا خلفيات ذلك، كادت تحدث فتنة لولا يقظة أصحاب الضمائر الحية، وفي ذلك سم قاتل يبعثه أعداء الأمة لتفتيت الشعب الواحد، إن منظومتنا التربوية أعطت الحرية لكل منطقة كي تدريس لهجتها المحلية، تحت مسمى اللغة الأمازيغية، ويمكن للجنة الصياغة المحترمة أن تستأنس بتقرير وزارة التربية، لأننا في إطار التشريع للأمة وليس ترضية الخواطر وإتباع الأهواء.

           وعليه، فأننا نرى أنه يجب الإبقاء على لغتنا الأمازيغية محترمة بقوة القانون، و نؤكدها في هذا الدستور على أنها لغة وطنية، وندعم اللجان الفاعلة والمخابر الوطنية التي تسعى للبحث في تطويرها والرقي بها، وهو عمل الأكاديميين دون غيرهم، الغيورين على لغتهم وانتمائهم ووحدتهم، ولكن أن نجعل منها مادة غير قابلة للتعديل أو التحديث وندرجها في خانة المواد الصماء التي جاءت بها وثيقة أول نوفمبر وأكدتها كل دساتير الجزائر منذ الاستقلال، فذلك لا يؤهلها علميا في الوقت الراهن ولا المستقبل القريب، فلا يجب أن ندفنها بل نرفعها لتكون لغة حقيقة بكل مكونات اللغة المتعارف عليها دوليا، وبهذا نكون قد خدمناها.

            ج ـ  ما يؤسف له، وأن الثقافة الوعاء الحامل لكل حضارة و المؤرخ الحق للشعوب، لم نجد لها تأكيدات وقوة في هذا الدستور، فكيف لنا أن نتكلم عن المثقفين والأدباء والكتاب والفنانين، وبإطلالة سريعة في دساتير بقية الدول عربية كانت أو أعجمية، لنتأكد من أن كثير من أسباب تخلفنا يعود لعدم اهتمامنا بها، فالشعب المثقف لا تخاف عليه لأنه غير قابل للاستعمار، ولا تخاف منه لأنه محصن من التهور، لذا نطلب استدراك ذلك بإدراج فقرة تخص الثقافة وتحصنها وتعطي المتعاملين في حقلها حرية الإبداع والرأي، مثلما أكدت مسودة الدستور على قطاع الإعلام ، ونقترح في هذا المجال إنشاء مجلس أعلى للثقافة والآداب والفنون، على غرار المجالس الأخرى المنصوص عليها في الدستور السابق ومسودة هذا الدستور، وتعطى له كل الصلاحيات في مجال اختصاصه.

           د ـ فيما يخص جيشنا الشعبي الوطني، فإن سبب وجوده هو حماية الأرض والعرض، ومصلحة الوطن في الداخل والخارج، وعليه نرى أن يكون له جناح خاص للتدخل ألاستباقي وتحقيق المصلحة الوطنية أينما كانت، و المساعدة بالقدر المستطاع دون مبالغة ضمن الهيئة الأممية والمنظمات التي تربطنا معها اتفاقيات تهدف لخدمة الإنسانية وتحقيق العدالة، فإعطاء جزء من الحرية والمناورة يخدم دفاعنا ويعزز مكانتنا لكن ذلك بشروط وقوانين صريحة حتى لا يترك الأمر لمغامر قد يأتي به المستقبل.

          ه ـ إن فكرة التوازن بين السلطات، مبدأ قائم ومؤكد وهدف منشود، وفيه نرى وجوب التوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية أكثر من ضرورة ضمن أطر وقوانين مرنة تسهل العمل وتكمله، بينما السلطة القضائية فالأجدر استقلالها حتى تمنح لها القوة في التدخل والردع وبسط المساواة والفصل في النزاعات دون ضغط أو خوف أو محاباة، ويبقى رئيس الجمهورية القاضي الأول في البلاد ضمن شروط وإطار يمنحه حرية التدخل لإعادة القاطرة إلى سكتها أو لمصلحة الوطن والمواطن دون تغوّل.

         و ـ المادة 16 الفقرة 3 "يمكن القانون أن يخص بعض البلديات بنظام خاص" إن الوقوف عند هذه العبارة يفتح بابا يصعب غلقه، وحتى لا نحدث الفتنة حتى ولو صدقت النوايا نرى حذفها ونترك للقوانين العضوية اجتهادها في هذا المجال، ونرى عدم جدوى الدوائر ، بل الأجدر إعطاء المجالس المنتخبة "البلدية و الولائية" حرية و دورا أكثر فاعلية لكونهما أكثر ارتباطا بالمواطن وأحواله والتنمية المحلية.

        ز ـ لاحظنا في مسودة الدستور الحفاظ على كل المجالس التابعة لرئاسة الجمهورية وإسقاط المجلس الأعلى للتربية ونتساءل عن الأسباب في ظل الفوضى التي تتخبط فيها منظومتنا التربوية، فهذا الفضاء الذي يفترض أن يضم النخبة المتخصصة في التربية هو المؤهل لضبط الأمور وإعادة القاطرة إلى جادة الصواب.

        ـ وأخيرا نرى أن المادة 51 الفقرة 2 غير منسجمة مع المادة 2 ، وعليه يستحسن إعادة صياغة الفقرة كالتالي : حرية ممارسة العبادات الأخرى مضمونة في إطار احترام القانون.

 

            هذه خلاصة المقترحات ولم نرد الخوض في الدستور مادة فمادة التي نراها من صلاحيات المختصين، ونؤكد في الختام شكرنا لكل من بذل جهدا وفي المقدمة اللجنة الموقرة ومن رافقهم وعلى رأس كل ذلك السيد الرئيس عبد المجيد تبون صاحب التعهد والمبادرة، وفقنا الله جميعا لما فيه خير البلاد والعباد.

 

 

ع/ الأمانة الوطنية

أخوكم يوسف شقرة

رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين

نائب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء و الكتاب العرب

عضو مجلس اتحاد كتاب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية

عدد القراء :883
2020-07-03 23:48:38 : تاريخ المقال

عدد الزوار

  • تعليق المشتركين
  • تعليق الفسبوك

ستبقى التعليقات معطلة الى أن يتم الموافقة عليها من طرف هيئة التحرير.

 

تعليقك:

 

إتصل بنا

هيئة التحرير

Address: 88 rue Didouche Mourad 16006, Alger
عيسى ماروك
Tel / Fax: +213 21 71 30 42
عزوز عقيل
E-mail:ueaalg2015@gmail.com
جمال الدين بن خليفة
Facebook: /uealg2014
الأخضر سعداوي
 
بلقاسم مسروق